عشرة قضبان لألبير إسطفان

كان الشاعر السبعلاني المرحوم يوسف روحانا أستاذاً في مدرسة كفرزينا الشهيرة، وكان من بين تلامذته الفنان المهجري ألبير اسطفان
وذات يوم كتب شاعرنا الكبير رقماً حسابيّاً على اللوح الأسود، ألا وهو (11540)، وطلب من تلامذته الذين لا تزيد أعمارهم عن الثانية عشرة سنة، أن يلحنوا هذا الرقم لحناً يليق به، على حدّ تعبيره، لقاء جائزة هامّة وقيّمة لأجمل لحن.
وكان ألبير معروفاً، يومذاك، بالملحن، لأنه كان يرتّل في كنيسة الضيعة رغم صغر سنّه، فغيّب الرقم عن ذهن قلبه، وأخذ يرندحه باستمرار، إلى أن سمعه الأستاذ المرحوم إسطفان معيط من بان، فنهره قائلاً:
ـ ماذا تفعل يا صبي، أتكتب فرضك أم ترندح أغنية؟
ـ إنّني أكتب فرضي..
ـ فإذن توقّف عن الغناء..
ـ الأغنية التي أرندحها هي فرضي..
ـ ماذا تقول؟
ـ لقد أعطانا الأستاذ يوسف روحانا رقماً، وطلب منّا تلحينه.
ـ هات الرقم لألحّنه لك..
ـ 11540
فغنّاه المرحوم إسطفان على لحن (المعنى) الزجلي، فحفظه ألبير والبهجة تغمر كيانه. وعندما أطلّ الصباح، وانقطعت شهرزاد عن الكلام المباح، دعا الأستاذ يوسف تلامذته للغناء، فلـم يصب أحدٌ منهم اللحن المطلوب، إلى أن وصل الدور إلى ألبير، فوقف كالنمر، وهندس شبوبيّته، ورندح بصوته العـــــــذب (11540)، وبدلاً من أن يعطيه الجائزة، شلفط أستاذه يديه بقضيب رمّان، يولول الهواء من ضرباته:
ـ من لحّن لك الرقم يا ألبير؟
ـ لا أحد..
ـ سأظل أضربك إلى أن تعترف..
ـ أنا لحّنته يا أستاذ..
ـ قلت لك: اعترف..
وبعد عشرة قضبان، اعترف ألبير إسطفان أن الملحّن الحقيقي للرقم هو إسطفان معيط من بلدة بان الشماليّة:
ألبير بْعِدُّو فَنّان
مِتْلُو ما صَدَّرْ لُبْنان
ما بْياخُد إِلاَّ عَشْرَه
حتّى لَوْ كانِتْ قُضْبان
**